قلب الأسد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عظماء في الذاكرة

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

اذهب الى الأسفل

عظماء في الذاكرة - صفحة 2 Empty رد: عظماء في الذاكرة

مُساهمة  قلب الأسد الجمعة يوليو 16, 2010 1:22 pm

عظماء في الذاكرة - صفحة 2 MAal-Husayni
الحاج أمين الحسيني
طبق المثل القائل لا يموت حق وراءه مُطالب، في حياته وفي كفاحه. عاش الرجل بهموم قضية فلسطين حتى آخر نفس في حياته. أثناء حياته دعت المنظمات الصهيونية لقتله قائلة: يجب أن يموت أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من يتفاوض معنا.
وبعد موته قال أحد زعماء إسرائيل: قد كان مقدراً أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين.

نشأته

وُلِد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 م. كان والده طاهر الحسيني مفتي القدس و يشار إلى أن العائلة جاءت من الحجاز منذ استعاد صلاح الدين الأيوبي القدس، ونزلت في القدس وبعض فروع العائلة نزلت في غزة واللد.
نشأ محمد في بيت علم وتقوى وصلاح، تلقَّى القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في بيت والده، فقد خصص له والده عدداً من العلماء والأدباء لتعليمه في البيت، وقد أرسله والده إلى مدارس القدس الابتدائية والثانوية كسائر أبناء البلدة، ثم أدخله مدرسة الفرير لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أرسله والده إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل عدته، وقد اجتهد الشاب في تحصيل العلم أيضًا في كلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا "دار الدعوة والإرشاد"، وفي إجازة له في القدس عام 1914 م قامت الحرب العالمية الأولى، فلم يستطع العودة لاستكمال دراسته، فوجَّهه والده إلى إستانبول لاستكمال عدته العلمية في معاهدها، ولكن الشاب آثر الالتحاق بكليتها العسكرية، وتخرج ضابطاً في الجيش العثماني، وقد عمل في عدة مراكز عسكرية، وبذلك اجتمع للشاب عُدَّة من الكفاية العلمية والعسكرية، وكان قد أدى فريضة الحج مع والدته في عام 1913 م، فاكتسب لقب الحاج من حينها. وقد ترك الخدمة العسكرية مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
الوظائف والمناصب
أسس ورأس "النادي العربي" 1915 م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلمًا بمدرسة روضة المعارف الوطنية.
انتخب مفتيًا للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.
رأس أول مجلس للشؤون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م.
أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).
استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين.
تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924 م إلى 1937 م).
تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.
رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
رئاسة المؤتمر الإسلامي العام - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.
تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.
تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.
تأسيس ورئاسة اللجنة العربية العليا لفلسطين.
المشاركة في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.
إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
رئاسة الهيئة العربية العليا لفلسطين والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونغ عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.
جهاده للقضية الفلسطينية
شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918م، وشارك في عقد المؤتمر العربي الفلسطيني" الأول عام 18/1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين لخلافه شقيقه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في فلسطين، وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة، ويفوز في انتخابات رئاسة هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًّا، ويتصل بكافة المخلصين والمناضلين في العالمين العربي والإسلامي من أمثال عزِّ الدين القسَّام وعبد القادر الحسيني.
وقد توجهت الدعاية المعارضة لأمين الحسيني لتظهره وكأنه الرجل المسالم للإنجليز، وفي لقاء بينه وبين بعض قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني يدور الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز، فيرد الرجل قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
وأحسَّ القوم أن الرجل له علم ونظرة أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة استيطانية شيطانية، وتتوحد الجهود، ويكون عبد القادر الحسيني قائداً للأعمال العسكرية، والمفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية، والمنسق (من خلال منصبه واتصالاته) للجهود العسكرية، وتوفير التمويل اللازم لكافة الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتتحرك الثورة عام 1929م، ثم في عام 1933م، ثم تكون الثورة الكبرى عام 36 - 1939م، ويتولى أمين الحسيني مسئولية اللجنة العربية العليا لفلسطين"، وهي لجنة سرية لتنسيق الجهود على مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية، وتتعقب بريطانيا المفتي في كل مكان، ويلجأ الرجل للمسجد الأقصى يدير الثورة من داخله، ويصدر قرار بإقالة المفتي من جميع مناصبه من السلطة الإنجليزية.
ويضطر الفتى إلى الخروج من فلسطين إلى لبنان، وقد وقع في قبضة السلطة الفرنسية بها، وترفض فرنسا تسليمه للسلطة البريطانية، وتسمح له بالعمل في الفترة من 37 إلى 1939م، ومع بشائر الحرب العالمية الثانية، تقرر السلطة الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق، ومع بشائر الفشل للثورة ينتقل إلى طهران، ثم انتقل سرًّا بين عدة عواصم أوروبية حتى انتهى به الأمر إلى برلين، وقد التقى في هذه المرحلة مع قادة دول المحور سواء في إيطاليا أو ألمانيا، ولم يكن الأمر مفاجئاً، فقد أجرى المفتي اتصالات سابقة مع القيادة الألمانية في بداية الحرب، وهذا أمر طبيعي، فالدول العربية كلها تقريبًا ليس بينها وبين ألمانيا عداوة، ثانيًا ألمانيا صارت العدو القوي المواجه لكل من إنجلترا وفرنسا "وهما الدولتان اللتان يحتلان أغلب الدول العربية".
وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:
الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، السعودية، العراق، اليمن.
الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: سورية، لبنان، فلسطين والأردن بالاستقلال.
الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزي بالاستقلال: السودان، البحرين، الكويت، عمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي.
إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، والتي يستعمرها الإنجليز.
الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في مصر والسودان.
الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.
وفي لقاء مع هتلر في عام 1941م، رد هتلر أن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته لقوات الحلفاء في هذه المناطق يأتي وقت مثل هذا الإعلان، ثم كانت المفأجاة عندما عرض أمين الحسيني في لقائه الثاني تكوين جيش عربي إسلامي من المتطوعين في الشمال الأفريقي وشرق المتوسط لمقاومة الحلفاء، فكان رد هتلر "إنني لا أخشى الشيوعية الدولية، ولا أخشى الإمبريالية الأمريكية البريطانية الصهيونية، ولكن أخشى أكثر من ذلك كله هذا الإسلام السياسي الدولي، ومن ثَم بدأ الرجل يضع قواعد للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأ يستفيد من وجوده بالأوجه الآتية.
فتح أبواب الكليات العسكرية الألمانية لتدريب الشباب العربي والفلسطيني بما يُعَدُّ نواه لجيش الجهاد المقدس في طوره الثاني.
العمل على استصدار بيان من قيادة المحور يضمن الاستقلال لأكبر عدد من الدول العربية بعد انتصار المحور على الحلفاء في هذه البلاد.
العمل على الحصول على أكبر كمية من الأسلحة وتخزينها، استعداداً لمرحلة قادمة، وقد قام بالفعل بتخزين السلاح في مصر وليبيا وجزيرة رودس. نجح في تكوين معهد لإعداد الدعاة في إلمانيا، وقام بإقناع القيادة الألمانية في وضع داعية في كل الفرق العسكرية التي بها مسلمون، وفي نفس الوقت دفع بعض الشباب المسلم العربي بها على الاشتراك في الجيش لتدريب على كافة الأعمال القتالية.
نجح في وقف الأعمال الإرهابية ضد البوسنة (البوشناق) من جانب الصرب، ونجح في إقناع القيادة الألمانية بتشكيل جيش بوسني لمنع تكرار هذه المذابح، وتم بالفعل تكوين جيش من 100 ألف بوسني، ولكن تم تسريحه بعد انتهاء الحرب
مطاردة من جديد
استطاع المفتي الهروب إلى ألمانيا في اللحظات الخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة. ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.
ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتبدأ المؤامرات والخيانات، وتقوم بعض الدول العربية بمنع المجاهدين من الاستمرار في مقاومة العصابات الصهيونية، وذلك بحجة أن جيوشهم سوف تقوم بهذه المهمة، ثم يبدأ مسلسل الخيانات لاستكمال المؤامرة، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، ويتم حمل المفتي من خلال موقعه كرئيس للهيئة العربية العليا على أن يصدر أمرًا للمجاهدين الفلسطينيين بوضع السلاح، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة، ومع قيام الثورة، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م. وفي نفس الوقت ينشط في الجانب السياسي على مستوى الدول العربية والإسلامية، وبعض من الدول الآسيوية؛ وذلك لتأييد الحق الفلسطيني في وطنه، ودعم الجهاد المسلح في مواجهة العدو الإسرائيلي، ويمثل فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًّا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر بشائر مؤامرة جديدة، ومحاولة لإنهاء القضية في خطوات سلمية، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة همر شولد ، وهي الخطة التي وافقت عليها دولة المواجهة العربية مقابل ثلاثة مليارات من الدولارات، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا، ويفضح الرجل خطوط المؤامرة، وتفشل الخطة.
وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، ويعين رئيساً له أحمد الشقيري الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م، يبدأ الرجل من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله حتى تُفضي روحه إلى بارئها عام 1974م شاهدة على عصر الخيانات الكثيرة والتضحيات الكبيرة، ولم يجرؤ أحد من القادة الفلسطينيين أن يدعو إلى حل سياسي إلا بعد اختفاء روح المقاتل محمد أمين الحسيني من ساحة القضية الفلسطينية.
قلب الأسد
قلب الأسد
Admin

المساهمات : 212
تاريخ التسجيل : 16/03/2009

http://lion.ace.st

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عظماء في الذاكرة - صفحة 2 Empty رد: عظماء في الذاكرة

مُساهمة  قلب الأسد الجمعة يوليو 16, 2010 1:24 pm

شحصية اليوم هو الشيخ إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي
ولادته
ولد الشيخ إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي الحارثي سنة 840 ه، في قرية كفرعيما من توابع جبل عامل.
نسبته
ينسب الكفعمي إلى قرية كفرعيما من قرب الجبشيت و لم يبق منها الآن سوى آثار مهدمة و خالية من السكان.
يعرف الكفعمي نفسه في آخر كتابه )المصباح( بأنه حارثي، نسبة إلى حارث الهمداني الصحابي الجليل لمولى المتقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‏السلام.
أسرته
أسرة الكفعمي أيضاً كسائر علماء جبل عامل مليئة بالوجوه المشرقة التي يمكن لكل واحدة منها أن تكون مفخرة لذلك العصر.
والده الشيخ علي الكفعمي كان من أساتذته و قد أعطاه إجازة نقل الحديث و يعد من مشايخه في الإجازة.
و كان عالماً عاملاً و عارفاً بالله قد أوقف حياته و أولاده في خدمة الإسلام و التشيع و ربى أولاداً كباراً، و هم:
1- الشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي، صاحب كتاب المصباح.
2- الشيخ شمس الدين محمد الجبعي العاملي، المتوفى سنة 886 ه، و هو أيضاً من علماء الإسلام و الجد الكبير للشيخ البهائي عليه الرحمة و من هنا ينتهي نسب الشيخ البهائي و الكفعمي كليهما إلى حارث الهمداني.
3- الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد و هو من كبار مصنفي الشيعة و من جملة مؤلفاته القمية، كتاب زبدة البيان في عمل شهر رمضان.
يظهر أن الشيخ جمال الدين توفي قبل إبراهيم الكفعمي و ينقل الكفعمي في كتبه بعض المطالب عن هذا الكتاب.
أساتذته
درس الكفعمي عند الكثير من الأساتذة التي ذكرت أسماؤهم في كتب الرجال و التراجم، و من جملة أساتذته المشهورين:
1- علي بن حسن الكفعمي والده الجليل الذي أعطاه إجازة نقل الرواية.
2- السيد حسين بن مساعد الحسيني، صاحب كتاب تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأبرار.
3- السيد علي بن عبد الحسين الموسوي الحسيني، صاحب كتاب دفع الملامة عن علي عليه‏السلام في ترك الإمامة.
و للأسف لم نعثر على أسماء تلامذة المرحوم الكفعمي.
مؤلفاته
ألف المرحوم الشيخ إبراهيم الكفعمي في طول ما يقارب 65 سنة من حياته المباركة ؛ كتباً و رسائل علمية كثيرة في مختلف المواضيع و هذا خير دليل على غزارة علم هذه العالم الرباني.
و كذا وضع بعض الكتب من تأليفاته مختصة بالأدعية و الزيارات و هذا مما يدل على زهده و تقواه و التزامه بالمباني الفكرية والعملية للأئمة الأطهار عليهم‏السلام.
أحصى العالم الجليل السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) 49 كتاباً من مؤلفاته يصل حجم بعضها إلى ألف صفحة.
نذكر في هذا المختصر بعض مؤلفاته:
1- جنة الأمان الواقية و الجنة الباقية أو مصباح الكفعمي.
سبب تسميته بالمصباح هو مشابهته لكتاب مصباح المتهجد للشيخ الطوسي و اشتهر بمصباح الكفعمي لكي لا يشتبه بمصباح المتهجد.
2- الجنة الواقية، مختصر المصباح.
3- البلد الأمين و الدرع الحصين و هو من أكبر مؤلفاته و هو أوسع حجماً من المصباح و لو أنه يشابهه من حيث المحتوى.
4- الفوائد الطريفة –الشريفة- في شرح الصحيفة السجادية.
5- المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى.
6- محاسبة النفس اللوامة و تنبيه الروح النوامة.
7- نهاية الأدب في أمثال العرب، في مجلدين و قد صرح كبار العلماء بأنه أفضل كتاب ألف في هذا المجال.
8- قراضة النضير و هو خلاصة تفسر مجمع البيان.
و كثير من الكتب الأخرى التي يطول ذكرها.
وفاته
كان الشيخ الكفعمي يسكن في كربلاء المقدسة وأوصى أن يدفن هناك و لكن في أواخر عمره سافر إلى مسقط رأسه و توفي في ذلك المكان.
لقد ودع الحياة في سنة 905 ه، في الخامسة و الستين من عمره الشريف في قرية كفرعيما و لبى نداء ربه و رحل إلى جوار رحمته ووصل إلى القرار الأبدي و السرمدي و دفن جثمانه الطاهر في نفس تلك القرية.
ومن الحوادث التي جرت بعد رحلته هي خراب القرية إثر البلايا الطبيعية و لم يبق أثر من قبر الكفعمي و لكن بعد مضي سنين مديدة و بعد القرن الحادي عشر الهجري رأى زارع قبراً قد كتب عليه: هذا قبر الشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي رحمه‏الله.
عندما اطلع الناس على هذه الحادثة عمروا قبره الشريف و هو الآن مزار لشيعة أهل البيت عليهم‏السلام ومحبيهم.
قلب الأسد
قلب الأسد
Admin

المساهمات : 212
تاريخ التسجيل : 16/03/2009

http://lion.ace.st

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عظماء في الذاكرة - صفحة 2 Empty رد: عظماء في الذاكرة

مُساهمة  قلب الأسد السبت مارس 12, 2011 10:10 pm

السلام عليكم

عظماء في الذاكرة - صفحة 2 24wt5x1
السيّد حسن الصدر ( قدس سره )
(1272هـ- 1354هـ)

نسبه العريق
السيّد ابو محمد حسن بن السيّد هادي بن السيّد محمّد علي بن السيّد صالح بن
السيّد محمّد بن السيّد إبراهيم الشهير بشرف الدين العاملي الإصفهاني
الكاظمي، ينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر الملقّب بالمرتضى ابن الإمام موسى
الكاظم عليه السّلام.
ولادته ونشأته
ولد في مدينة الكاظميّة يوم الجمعة 29 من شهر رمضان المبارك لسنة 1272هـ،
وانحدر من عائلة عريقة في الشرف والعلم والفضل، أصلها من جبل عامل في جنوب
لبنان. وكان جدّه الأكبر السيّد صالح قد هاجر إلى العراق، ثمّ إلى إصفهان.
بدأ حياته الدراسيّة في مدينة الكاظميّة، فاقتبس علوم اللغة من أساتذة مهرة
اختارهم أبوه الذي استفرغ الوسع في تهذيب ولده وتأديبه وتثقيفه، ولم يدّخر
والده وسعاً ـ وقد لحظ في ابنه مخايل الذكاء والنبوغ ـ في إرهاف عزمه
وحثّه على الإمعان في الدرس والبحث، فما بلغ الثامنة عشرة من عمره حتّى
أتقن علوم الفقه والأصول. ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1288هـ لينهل من
معين علومها وفنونها، فدرس الحكمة العقليّة والكلام والفقه والأصول على
أفذاذ علمائها، من أمثال المولى محمد باقر الشكي، والشيخ محمّد تقي
الكلبايكاني، حتّى غدا من كواكبها اللامعة ونجومها الثاقبة.
التحاقه بمدرسة المجدّد الشيرازي
حتّى إذا ارتحل مجدّد الشريعة السيّد محمّد حسن الشيرازي الكبير (صاحب
الفتوى الشهيرة التي حرّم فيها التنباك، فتابعه الشعب الإيراني في فتواه،
ممّا أجبر دولة بريطانيا وحكومة إيران القاجاريّة على إلغاء معاهدة التنباك
وتحمّل الأضرار الجسيمة جرّاء ذلك الفسخ) من النجف الأشرف إلى سامرّاء سنة
1291هـ، التحق به كوكبة لامعة من أعلام الحوزة العلميّة في النجف، كان
فيهم ـ سوى المترجَم له ـ ابن عمّه السيّد إسماعيل الصدر، والسيّد كاظم
الطباطبائي اليزدي، والآخوند ملاّ كاظم الخراساني، والشيخ آقا رضا
الهمداني، والشيخ الميرزا حسين النوري، والميرزا حسين النائيني وسواهم من
العلماء.
وقد أفاد السيّد حسن الصدر من محضر الميرزا، وحضر حلقات درسه التي ارتقت
بسببها الحوزة العلميّة في سامرّاء وبان فضلها على سواها من معاهد العلم
والدراسة، ثمّ عاد بعد سنتين إلى جامعة النجف الكبرى، وبقي حنينه إلى حوزة
المجدّد الشيرازي يلاحقه، وسرعان ما عاد أدراجه إلى سامراء سنة 1297هـ
فلازم المجدّد الشيرازي، فتوزعّت أوقاته ما بين حضور على أستاذه الشيرازي
الكبير، ومناظرة مع أترابه العلماء، ومحاضرة يُلقيها على تلامذته، وتأليف
ينفرد فيه بكتابه، وعبادة ينقطع فيها إلى محرابه، ويخلو خلالها بربّه.
وقد نقل المحدّث القمّي أنّه كان يشاهد الميرزا الشيرازي يبكّر في كلّ يوم
إلى بيت السيّد حسن الصدر للمباحثة معه، ثمّ ينصرف إلى درسه العام الذي
يُلقيه على تلامذته العلماء.
عودته إلى الكاظميّة
لم يلبث السيّد حسن الصدر في سامرّاء بعد وفاة أستاذه الميرزا الشيرازي
إلاّ عامين، قَفَل بعدهما راجعاً إلى مسقط رأسه الكاظميّة سنة 1314هـ، فحطّ
الرحال بفِناء جدّه باب الحوائج إلى الله تعالى: الإمام موسى بن جعفر عليه
السّلام، واستأنف نشاطه العلمي على عهد والده، فكانت مجالسه مدارس سيّارة
تتفيّأ وارف ظلاله في حِلّه وترحاله.
تبحّره في العلوم
كان ـ قدّس سرّه ـ قدوة في العلم والعمل، مرجعاً في أحكام الله تعالى،
مُتبحِّراً في الأخبار والتاريخ، رأساً في أصول الفقه وعلم الرجال
والدراية، راسخ القدم في التفسير. وقد اُوتي بلاغة في البيان، وجزالة في
العبارة، وبسطة في المنطق والحكمة، ورسوخاً في الكلام والمحاجّة، أمّا في
علم الأخلاق فكان بحراً لا ينزف، وخِضَمّاً لا يُسبر غَوره.
دفاعه عن الحقّ
لم يَجُد الزمان بمثله في مناظراته دفاعاً عن الدين والمذهب، فقد مَنّ الله
تعالى عليه بنَفَس في البحث طويل، وبُعد غَورٍ في الحُجّة، وكان يقتضب
جوامع الكلم ونوابغ الحِكم، فكان كلامه ـ في إحقاق الحقّ وإبطال الباطل ـ
فصلَ الخطاب، وكان لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم.
مَلَكاته وسجاياه
كان عزيز النفس، أشمّ الأنف، لا يصبر على خَسف أو ضَيم، وكان نائياً عن
مقام العُجب، سَلس الطِّباع، ليّن العريكة، دَمث الأخلاق، وكان حادّ الذهن،
يقظ الفؤاد، منّ الله تعالى عليه بنفسٍ سَمَت به إلى معالي الأمور، فكان
مصداقاً لقول الشاعر:
وإذا كانت النُّفوس كِباراً تَعِبَت في مُرادها الأجسامُ
زاره أحدهم في بيته، وقد سمع بما يصله من الأموال الضخمة التي كان يُنفقها
في سُبل البرّ والإحسان وفي تمشيّة أمور الشرع والدين وكان يحسب أنّه سيجده
يرفل بالأرجوان، فوجده يفترش حصيراً بسيطاً .
مواهبه
لم تقف همّة السيّد حسن الصدر عند حدّ، ولم يكن لها غاية أو أمد، فقد أحال
صدرَه موسوعةً علميّة أحاطت بدقائق المسائل من شتّى العلوم، وأضحى قيّماً
يمتلك مفاتيحها، يُديرها متى شاء فيُخرج لك من كنوز المعقول والمنقول كلّ
لؤلؤة فريدة، وإنّ الدهش لَيأخذُك وأنت تتأمّل مؤلّفاته التي جاوزت المائة،
والإكبار يمسك بتلابيبك وأنت تلحظ القمم الرفيعة التي سما إليها في مختلف
العلوم.
وكان له براعة في التصوير تأخذ بمجامع القلوب، فإن حدّثك عن النبيّ صلّى
الله عليه وآله خِلتَ أنّك شهِدت رسالته وحضرت معجزاته، وإن حدّثك عن
جبرئيل حسبتَ أنّك سمعت صوته.
ورعه وسيرته
أبى السيّد حسن الصدر على الناس أن يقلّدوه بعد رحيل المجدّد الشيرازي ثمّ
رحيل والده السيّد هادي الصدر، وأرجعهم إلى ابن عمّه السيّد إسماعيل الصدر،
فلمّا توفيّ السيّد إسماعيل سنة 1338هـ قام بالأمر بعده، فظهرت رسالته
العمليّة «رؤوس المسائل المهمّة»، وعلّق على كلٍّ من: «تبصرة العلاّمة» و
«نجاة العباد» و «العروة الوثقى» تعاليق جعلتها مراجع لمقلّديه.
وكان أيّام تصدّيه للإفتاء وقبلها مِن أقوَم أولياء آل محمّد عليهم السّلام
بمهامّهم، وأحوطهم على أحكامهم، وأحناهم على شيعتهم. وقد عكف أطنابه على
نصرهم، ووقف حياته على إحياء أمرهم، حتّى لحقهم في دار كرامتهم عليهم
السّلام.
أساتذته : نذكر منهم ما يلي :
1ـ السيّد محمّد حسن الشيرازي ، المعروف بالشيرازي الكبير .
2ـ الشيخ محمّد تقي الكلبايكاني .
3ـ أبوه ، السيّد هادي الصدر .
4ـ الشيخ عبد النبي الطبرسي .
5ـ الشيخ حسين قلي الهمداني .
6ـ الشيخ محمّد باقر الشكي .
7ـ الشيخ محمّد طه نجف .
تلامذته : نذكر منهم ما يلي :
1ـ الشيخ محمّد محسن ، المعروف بآقا بزرك الطهراني .
2ـ السيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي .
3ـ الشيخ محمّد جواد البلاغي .
مكتبته العامرة
قال فيها السيّد عبدالحسين شرف الدين: «وَلِع السيّد حسن الصدر منذ حداثته
إلى منتهى أيّامه في جمع الكتب، وعني بذلك كلّ العناية، وكان موفّقاً في
تحصيل نفائسها من جميع العلوم والفنون: عقليّةً ونقليّة. ولا غرو، فقد كان
يُؤثِر تحصيلها على بُلغته ونفقة يومه، وربّما باع في سبيلها الضروريّ من
أمتعته، فاجتمع لديه ـ بسبب ذلك ـ من الكتب: مطبوعة ومخطوطة ثروة طائلة،
ومَن جَدّ وجد.
تضمّنت مكتبته من نوادر الأسفار المخطوطة ما لا يوجد في أكثر المكتبات
الحافلة، وبهذا رَنَت في الأقطار، فذكرها المتتبّع جرجي زيدان في طليعة
مكتبات العراق، حيث استقصى تلك المكتبات في كتابه: تاريخ آداب اللغة
العربيّة».
مؤلفاته : نذكر منها ما يلي :
1ـ رسالة تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمّة الأمجاد ، باللغة الفارسية .
2ـ صحيح الخبر في الجمع بين الصلاتين في الحضر .
3ـ الحقائق في فضائل أهل البيت من طريق الجمهور .
4ـ مجالس المؤمنين في وفيات الأئمّة المعصومين .
5ـ لزوم قضاء ما فات من الصوم في سنة الفوات .
6ـ الدرر الموسوية في شرح العقائد الجعفرية .
7ـ شرح وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة .
8ـ تحصيل الفروع الدينية في فقه الإمامية .
9ـ رسالة الغرر في قاعدة نفي الضرر .
10ـ نهج السداد في حكم أراضي السواد .
11ـ سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد .
12ـ تعريف الجنان في حقوق الإخوان .
13ـ كشف الالتباس عن قاعدة الناس .
14ـ هداية النجدين وتفصيل الجندين .
15ـ الدر النظيم في مسألة التتميم .
16ـ الغالية لأهل الأنظار العالية .
17ـ مفتاح السعادة وملاذ العبادة .
18ـ سبيل النجاة في المعاملات .
19ـ تحيّة أهل القبور بالمأثور .
20ـ الشيعة وفنون الإسلام
الظروف العصيبة التي عاصرها
عاصر السيّد حسن الصدر أحداثاً عصيبة ألمّت بالمجتمع الإسلاميّ يومذاك،
منها انعقاد المؤتمر الصهيوني الأوّل في مدينة «بال» السويسريّة سنة
1897هـ، حيث جرت المطالبة بفلسطين كوطنٍ قوميّ لليهود، ومنها إبرام معاهدة
بين بريطانيا وروسيا لاقتسام إيران إلى منطقتَي نفوذ عام 1907م، سبقها
انعقاد معاهدات استعماريّة لاقتسام النفوذ في بعض أقاليم الوطن الإسلامي في
1904م، ثمّ دخول الدولة العثمانيّة الحرب العالميّة الأولى عام 1914م، وما
تلا ذلك من تداعيات على كافّة الأصعدة، انتهاءً بتنحية الإسلام عن جميع
مناحي الحياة السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والتربويّة.
جهاده
لم يبقَ السيّد بمنأى من حركة الجهاد التي خاضها الشعب العراقيّ خلال الحرب
العالميّة الأولى وبعدها ضدّ المستعمر البريطانيّ، فقد كانت الحركة
الجهاديّة بقيادة المرجعيّة الدينيّة.
وكان السيّد حسن الصدر في عداد أبرز المجتهدين في الفترة ما بين 1916 ـ
1920م، مع أقطاب المرجعيّة من أمثال السيّد محمّد كاظم اليزدي، والشيخ شيخ
الشريعة الإصفهاني (في النجف)، والشيخ محمّد تقي الشيرازيّ (في سامراء ثمّ
في كربلاء) والسيّد حسن الصدر والشيخ مهدي الخالصي (في الكاظميّة)، وقد
أوردت التقارير البريطانيّة معلومات حول مواقف بعض المجتهدين ذوي التوجّه
السياسيّ.
ونقل المرحوم جعفر الخليلي أنّ المسس بيل (الجاسوسة البريطانيّة) سعت
لزيارة السيّد حسن الصدر فلم تفلح، فاستعانت بعبد المجيد بلشة ـ وهو أستاذ
للأدب العربي في إحدى جامعات إنجلترا، كاظميّ الأصل ـ لكنّ السيّد لم يأذن
لها بمقابلته، فاستعانت من جديد بالشيخ كاظم الدجيلي ـ وكان يحضر مجلس
السيّد الصدر في أيّام الجمع ـ فعرض رغبة المسس بيل على أنّها ترغب في
معرفة آراء الشيعة، فتمّت الموافقة.
بُعد نظر السيّد حسن الصدر
وإذا كان السيّد حسن الصدر والشيخ عبدالحسين الأسدي والسيّد إسماعيل الصدر
قد ارتأوا ـ في الاجتماع الذي عُقد في غرفة الكليدار في الصحن الكاظميّ
للمداولة في أمر الجهاد وإصدار الحكم فيه ـ أنّ المسلمين لا يمتلكون
الأسلحة الكافية التي يمكنهم بها مقارعة الاستعمار البريطانيّ ـ وهو موقف
مسؤول بلا شكّ ـ فقد عبّر فيما بعد الشيخ شيخ الشريعة الإصفهانيّ ـ وهو أحد
كبار المجتهدين في النجف ومن قادة ثورة العشرين ـ عن السبب الرئيس لفشل
ثورة النجف عام 1918م بأنّه عدم نضج الظروف تماماً آنذاك ، ممّا يعزّز رؤية
السيّد حسن الصدر وبُعد نظره.
قصّة تأليف «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام»
لتأليف كتاب «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» قصّة، فقد كان جرجي زيدان (1861 ـ
1914م) قد ذكر في كتابه «تاريخ آداب اللغة العربيّة» متحدّثاً عن الشيعة
أنّ «الشيعة طائفة صغيرة لم تترك أثراً يُذكر، وليس لها وجود في الوقت
الحاضر». فدفع هذا القولُ الشيخَ آغا بزرگ الطهرانيّ (1293 ـ 1389هـ / 1876
ـ 1970م) ورفيقَيه في العلم: السيّد حسن الصدر والشيخ محمّد حسين كاشف
الغطاء (1294 ـ 1373هـ / 1877 ـ 1954م) أن يتعاهدوا للردّ على هذا الزعم
الباطل، فأخذ كلّ واحد منهم على عاتقه بيان جانب من جوانب الثقافة الشيعيّة
الغنيّة، والتعريف بالمذهب الإمامي.
وتقرّر أن يبحث العلاّمة السيّد حسن الصدر في الآثار العلميّة لمدرسة أهل
البيت عليهم السّلام وبيان فضلهم وسهمهم الوافر في تأسيس علوم الإسلام،
وظهرت ثمرة هذا البحث في كتابه «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» وطُبع بمساعدة
الشيخ آغا بزرگ سنة 1370هـ في 445 صفحة.
أمّا الشيخ آغا بزرگ فقد ألّف موسوعته الشهيرة «الذريعة إلى تصانيف الشيعة»
في 25 مجلّداً استوعب فيه مصنّفات الشيعة في شتّى أنواع العلوم والفنون.
وأمّا الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء فقد ألّف كتاب «أصل الشيعة وأصولها» في بيان عقائد الشيعة في أصولهم وفروعهم.
صاحب الذريعة يتحدّث عن كتاب السيّد الصدر
قال الشيخ آغا بزرگ صاحب كتاب «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» وهو يتحدث عن كتاب «تأسيس الشيعة..»
«لسيّد مشايخنا آية الله السيّد حسن صدر الدين الموسوي العاملي الكاظميّ
[كتاب]... ابتكر [فيه] موضوعاً خصّصه بالتدوين، وأبدع فيه غاية الإبداع،
وقرّر فيه بما صحّ من التواريخ والسير فقدّم علماء الشيعة على سائر علماء
الإسلام في تأسيس أنواع العلوم الإسلاميّة، من النحو والصرف وعلوم البلاغة
والعروض واللغة والكلام والمعقول والفقه والأصول والتفسير والأخلاق وغير
ذلك، وأثبت فيه سبقهم في التصنيف والتأليف في تلك الأنواع على مَن عَداهم،
وأورد تراجم المؤسّسين وأحوالهم، فذكر بعض القدماء المصنّفين وتصانيفهم،
وفرغ منه حدود سنة 1329 هـ».
كتاب «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام»
قال مؤلّف كتاب «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» في مقدّمة كتابه: «... أمّا
بعد، فقد رفع الله سبحانه أقواماً من الشيعة، فجعلهم بالعِلم قادة، وفي
تأسيس فنون الإسلام سادة، حيث تقدّموا في تأسيس فنون العلم في الصدر
الأوّل... ورتّبت الكتاب على أربعة عشر فصلاً تجمع العلوم التي تقدّمت
الشيعة في تأسيسها، وعقدتُ لكلّ فصل ثلاث صحائف: الاُولى في واضع ذلك
العِلم ومؤسّسه، والثانية في أوّل من صنّف فيه منهم بعد الواضع أو نقّحه
تنقيحاً يجري مجرى التأسيس، والثالثة في بعض مشاهير أئمّة ذلك العلم من
الشيعة المتقدّمين من أهل المائة الأولى إلى السابعة، دون المتأخّرين،
لئلاّ يطول الكتاب...».
وفاة السيّد حسن الصدر
رحلت إلى بارئها تلك الروح الكبيرة التي لم تخلد إلى الراحة طيلة سنوات
عمرها الطافح بالدأب والسعي والمثابرة، وذلك ليلة الخميس 11 ربيع الأوّل
سنة 1354هـ في بغداد ـ وكان نُقل إليها للمعالجة ـ فضجّت لصدى وفاته إيران
وأفغانستان والهند والعراق وجبل عامل وسائر البلاد الإسلاميّة، وحُمل نعشه
إلى الكاظميّة على رؤوس الآلاف من مشيّعيه، ودفن بجوار مرقد الإمامين
الجوادين ( عليهما السلام ) في حجرة من حجرات الصحن الكاظميّ فيها مقبرة
والده السيّد هادي الصدر، وشارك في تشييعه العلماء والأشراف والمسؤولون،
وقد أبّنتْه الصحافة العراقيّة، كما أبّنته الصحافة اللبنانيّة وأذاعت في
تأبينه الكلمة الفذّة التي أبرزتها لجنة من أعلام العلماء انعقدت في مدينة
صور، وأقيمت الفواتح على روحه، أعظمها الفاتحة التي أقامها في النجف الأشرف
ثلاثة أيّام المرجع السيّد أبو الحسن الإصفهانيّ.
شهادات وإشادات
قال عنه الشيخ مرتضى آل ياسين، تلميذه وابن
شقيقته: «لقد كنت أسمع عن السيّد المؤلّف ـ زمان كان شابّاً قويّ العضلات ـ
أنّه كان لا يكاد ينام الليل في سبيل تحصيله، كما أنّه لا يعرف القيلولة
في النهار، ولكنّي بدل أن أسمع ذلك عنه في زمن شبيبته، فقد شاهدتُ ذلك منه
بأمّ عيني في زمن شيخوخته. وإنّ مكتبته التي يأوي إليها الليل والنهار
ويجلس هناك بيمناه القلم وبيسراه القرطاس، لهي الشاهد الفذّ بأنّ عينَي
صاحبها المفتوحتين في الليل لا يطبق أجفانَها الكرى في النهار، وإن جاءها
الكرى فإنّما يجيئها حثاثاً لا يكاد يلبث حتّى يزول».
ووصفه أحد معاصريه، وهو السيّد محسن الأمين بقوله:
«كان عالماً فاضلاً، بهيّ الطلعة، متبحّراً، منقّباً، أصوليّاً، فقيهاً،
متكلّماً، مواظباً على الدرس والتأليف والتصنيف طول حياته، رأيناه وعاصرناه
في العراق».
ونعته السيّد المرعشي النجفيّ في مقدّمة كتاب
«تكملة آمل الآمل» فقال: «العلاّمة في علم الحديث، خِرِّيت علمَي الرجال
والتراجم، شيخ الإجازة ومركز الرواية وقطب رَحاها آية الله الأستاذ السيّد
أبو محمّد الحسن صدر الدين الموسويّ نزيل مشهد الإمامين الكاظميين... وقد
قرأت هذا الكتاب عليه طيلة إقامتي بتلك البلدة المقدّسة للاستفادة من
أبحاثه الرجاليّة، فأجاز لي روايته».
وقال فيه السيّد النقوي في كتابه «نزهة أهل
الحرمَين في عمارة المشهدَين»: «كان رحمه الله تعالى في رواية الحديث أعظم
شيخ تدور عليه طبقات الأحاديث العالية في هذا العصر، ومن يروي عنه من أعلام
هذا العصر كثير، وفيهم جملة من حُجج الطائفة وعلمائها وفضلائها المبرّزين،
فمنهم الآية العظمى السيّد أبو الحسن الإصفهاني النجفيّ دام ظلّه، والآيات
الحجج الأعلام: الحاج شيخ محمد حسين الإصفهاني صاحب الحاشية على الكفاية،
والشيخ محمّد كاظم الشيرازي، والشيخ هادي آل كاشف الغطاء، والشيخ محمّد رضا
آل ياسين، والحاج الشيخ عليّ القمّي، والحاج السيّد رضا الهندي... والشيخ
المحسن المعروف بآقا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة...».
وينقل أمين الريحاني انطباعه عن هذه الشخصيّة
الفذّة بقوله: «زرتُ السيّد حسن الصدر في بيته بالكاظميّة، فألفيتُه رجلاً
عظيم الخَلق والخُلق، ذا جبين رفيع وضّاح، ولحية كثّة بيضاء، وكلمة
نبويّة... ما رأيتُ في رحلتي العربيّة كلّها مَن أعاد إليّ ذِكر الأنبياء
كما يصوّرهم التاريخ ويصفهم الشعراء والفنّانون مثل هذا الرجل الشيعيّ
الكبير، وما أجمل ما يعيش فيه من البساطة والتقشّف! ظننتني ـ وأنا أدخل إلى
بيته ـ أعبر بيت أحد خدّامه إليه... ووددتُ لو أنّ في رؤسائنا الدينيّين
الذين يرفلون بالأُرجوان ولا يندر في أعمالهم غير الإحسان، بضعة رجال
أمثاله».
وقال السيّد عبد الحسين شرف الدين يصف السيّد
حسن الصدر: «لم أفتح عيني على مثله، ثبت الغَدَر في مناظراته دفاعاً عن
الدين الإسلاميّ وانتصاراً للمذهب الإماميّ، بعيد المستمرّ في ذلك، شديد
العارضة، غَرْب اللسان، طويل النَّفَس في البحث، بعيد غور الحجّة، يقطع
المبطل بالحقّ فيرميه بسُكاتِه ، ويدفعه بأقحاف رأسه فإذا هو زاهق. ولا
سمعت أذني بمثله، يقتضب ـ في إحقاق الحقّ ـ جوامع الكلم، ونوابغ الحكم،
فتكون فصل الخطاب، ومفصل الصواب».


خالص الدعاء
قلب الأسد
قلب الأسد
Admin

المساهمات : 212
تاريخ التسجيل : 16/03/2009

http://lion.ace.st

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى